ولما كان آدم قد اغترف من فضل ربه واقتبس من نور علمه أمره الله أن ينبئ الملائكة بما عجزوا عن معرفته ويخبرهم بما قصرت مداركهم عن علمه بيانا لفضله وإظهارا لحكمة استخلافه فأخبرهم بما عجزوا عنه فناداهم ربهم : " ألم أقل لكم إنى أعلم غيب السماوات والارض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " ( البقره:33) حينئذ تبينوا فضلهوأدركوا سر خلقه وظهرت لهم حكمة استخلافه . قال ابن جرير : وأولى الأقوال فى ذلك قول ابن عباس وهو أن المعنى من قوله تعالى " وأعلم ما تبدون " أى قولهم " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " والذى كانوا يكتمون : ما كان منطويا عليه غبليس من الخلاف على الله فى أوامره والتكبر عن طاعته . اما شبهة ان الله تعالى قال " وما كنتم تكتمون " أى أن الفعل وارد فى صيغته الجمع بينما المقصود هو إبليس الذى كان يكتم عصيان الله تعالى وهو مفرد , فنقول : إن العرب كانت تقول مثلا قُتِل الجيش وهُزِموا .. وإنما قُتِل وهُزِم الواحد أو البعض وعلى هذا أيضا جرى أسلوب القرآن فى بعض الآيات مثل قوله تعالى " إن الذين ينادونك من وراء الحجرات " ف " ين...